Pages

Saturday, July 30, 2011

آيات الله في عالم النحل

آيات الله في عالم النحل

د. رمضان مصري هلال
أستاذ الحشرات الاقتصادية المساعد كفر الشيخ ـ مصر
     يقول الله تبارك وتعالى: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (سورة النحل آية 68 ـ 69).
إنها دعوة من الحق تبارك وتعالى إلى أن نتفكر ونتأمل في عالم النحل الواسع الرحب.. الذي يعمل بتلقائية وإلهام من المولى ـ عز وجل ـ، ذلك العالم المليء بالأسرار والآيات التي تنطق بالإيمان وتشهد بالوحدانية لله الواحد القهار.
   وروى الإمام أحمد وابن أبي شيبة والطبراني أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (المؤمن كالنحلة وقعت فأكلت طيباً، ثم سقطت ولم تكسر ولم تفسد). وفي (شعب) البيهقي عن مجاهد قال: صاحبت عمر ـ رضي الله عنه ـ من مكة إلى المدينة، فما سمعته يحدث عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا هذا الحديث: (إن مثل المؤمن كمثل النحلة، إن صاحبته نفعك، وإن شاورته نفعك، وإن جالسته نفعك، وكل شأنه منافع، وكذلك النحلة كل شأنها منافع).
قال ابن الأثير: (وجه المشابهة بين المؤمن والنحلة حذق النحل وفطنته وقلة أذاه وخفارته، ومنفعته وقنوعه، وسعيه في النهار وتنزهه عن الأقذار، وطيب أكله فإنه لا يأكل من كسب غيره، ونحوله وطاعته لأميره. وإن للنحل آفات تقطعه عن عمله، منها الظلمة والغيم والريح والدخان والماء والنار، وكذلك المؤمن له آفات تفتر به عن عمله منها ظلمة الغفلة وغيم الشك وريح الفتنة ودخان الحرام وماء السعة ونار الهوى).
     والنحلة التي تنجذب إلى الأزهار بألوانها الزاهية ورائحتها الذكية، وتبتعد عن السام والضار وتنقل من زهرة إلى أخرى وتقول: أنا بين الزهر أسعى... وإلى الزهر طريقي في جو صحي حيث الشمس الساطعة والهواء العليل، وتجمع منها رحيقها وتفرز عليه من لعابها لتصنع عسلاً، فإنما هي تصنع سراً من أسرار الحياة، وفي هذا المقال نحاول ـ بعون الله وتوفيقه ـ أن نوضح بعض الأسرار الخفية في حياة النحل.
أفراد طائفة نحل العسل:
    تتكون طائفة نحل العسل من عدة آلاف من الشغالات، وبضع مئات من الذكور على رأسها توجد ملكة واحدة بالإضافة إلى ذلك نجد الأطوار المختلفة من البيض واليرقات والعذارى والتي نطلق عليها (الحضنة) ويتوفر لدى الطائفة الغذاء اللازم من العسل وحبوب اللقاح ولكل فرد من هذه الأفراد مميزاته وخصائصه التي تميزه، وتتجلى عظمة الحق وبديع خلقه في ملائمة صفات كل فرد لما تقوم به من أعمال وما ينوط إليها من واجبات.
 ملكة نحل العسل:
    وهي أم الطائفة وتتميز عن الشغالة باختلاف لونها وكبر حجمها وثقل وزنها وقصر أجنحتها عن بطنها الطويلة، وخرطومها قصير، ولا توجد سلة لجمع حبوب اللقاح، على أرجلها الخلفية، آلة وضع البيض مقوسة ذات تسنين ضعيف لا تستعملها في اللسع إلا ضد ملكة أخرى فقط، ولها مبيضان
 
 صورة للملكة الأم تظهر عليها علامة ذهبية
كبيران يشغلان معظم حيز البطن، والملكة تقضي حياتها داخل الخلية ولا تخرج منها إلى في حالتي التلقيح أو التطريد وهي وديعة وهادئة تسير ببطء على الأقراص الشمعية بالخلية ومن حولها مجموعة من الشغالات (الوصيفات) تسهر على رعايتها وإطعامها بالغذاء الملكي، وتربي الملكة في البيت الملكي (المقصورة الملكية) وهي كبيرة الحجم تشبه حبة الفول السوداني.
 شغالة نحل العسل:
   والشغالة عبارة عن أنثى عقيمة تنشأ من بيضة مخصبة، وهي غير قابلة للتلقيح ورأسها مثلثة الشكل تقريباً، وأجزاء فمها مهيأة لجمع الرحيق أما الأرجل الأمامية محورة لتنظيف قرون الاستشعار وأجزاء الفم وأرجلها الخلفية معدة لجمع حبوب اللقاح، مزودة بالغدد تحت البلعومية لإفراز الغذاء الملكي لتغذية اليرقات والملكة وبها أيضاً غدد إفراز الشمع وغدة الرائحة، ومعدة نحل العسل كبيرة الحجم لتخزين الرحيق، وآلة اللسع مستقيمة ذات تسنين حاد وهذه التراكيب هيأت الشغالة للقيام بمعظم الأعمال التي تتطلبها الطائفة.
 الذكر:
   ذكور النحل أضخم من الملكات والشغالات، وجسمها أقصر طولاً من الملكات، نهاية البطن غير مدببة، ليس له آلة لسع، أجزاء فمه ماصة قصيرة حيث يتغذى من داخل العيون السداسية، وأرجله الخلفية غير محورة لجمع حبوب اللقاح، ولا يمتلك غدداً لإفراز الشمع أو لإفراز الغذاء الملكي، والحوصلة والأمعاء مختزلتان، ولكن الجهاز التناسلي كبير ويشغل جزء كبيراً من البطن ووظيفته الوحيدة هي تلقيح الملكات. وآلة السفاد في الذكور لا تنطلق إلا إذا امتلأت الأكياس الهوائية في بطنه بالهواء، ولا تعبأ الذكور بالملكات طيلة وجودها في الخلية وتموت الذكور بعد تلقيحها الملكات وذلك لانفصال آلة السفاد منها واستقرارها في مؤخرة الملكة وتطير الذكور لمسافات بعيدة لتلقيح الملكات.

التلقيح الطبيعي للملكة.. والانتخاب الطبيعي:
    يتم تلقيح الملكة خارج الخلية في الهواء الطلق ولا يمكن أن يتم داخل الخلية أو في حيز مغلق مطلقاً، بعد خروج الملكة العذراء من البيت الملكي بـ (3 ـ 5) أيام تطير خارج الخلية (طيران ما قبل الزفاف) لتتعرف على موقع الخلية والعلامات الأرضية بالمنطقة يعقبه طيران الزفاف والذي يحدث عادة في الجو الصحو في فترة الظهيرة، وتخرج الملكة العذراء من الخلية وتحدث صوتاً خاصاً لتلهب حماس الذكور وتخرج رائحة خاصة من غددها الفكية تعمل على حث وتنبيه الذكور، وتطير الملكة العذراء يتبعها جيش جرار من الذكور ليس فقط من طائفتها ولكن أيضاً من الطوائف المجاورة المتعطشة للحاق بالملكة العذراء المتجمعة في منطقة تجمع الذكور وأكثر الذكور سرعة وأقواها جسداً وبنية هو الذي يظفر بتلقيح الملكة بينما تتساقط الذكور الضعيفة واحد تلو الآخر وتعقب كل هذه الذكور للملكة أمر ضروري لإبقاء واستمرار النوع والحفاظ عليه من التدهور فهو نوع من الانتخاب الطبيعي للحفاظ على مملكة النحل قوية مع استمرار الزمن، وعندما يتمكن أحد الذكور الأقوياء من اللحاق بالملكة ويمسكها أثناء الطيران بواسطة أرجلة الستة، وبواسطة خلايا حسية في المنطقة التناسلية يستطيع أن يميز غرفة اللسع ويدخل عضو السفاد فيها، وبعد حوالي 48 ساعة من انتهاء عملية التلقيح تكون القنوات المبيضية خالية تماماً من أي حيوانات منوية وتخزن في القابلة المنوية حوالي من 5 ـ 6 مليون حيوان منوي، ويساعد وجود شبكة من القصبات الهوائية وأيضاً الإفراز المغذي من الغدد الموجودة على القابلة المنوية على بقاء واستمرار الحياة والحيوية للحيوانات المنوية لفترة زمنية طويلة. تبدأ الملكة في وضع البيض بعد حوالي يومين من التلقيح الناجح ولكي تضع بيضاً مخصباً فإن البيضة أثناء خروجها يخرج لها مجموعة من الحيوانات المنوية لتخصيبها.
وظائف أفراد الطائفة:
تختلف وظائف الأفراد باختلاف نوعه (ملكة ـ شغالة ـ ذكر) فلكل فرد له وظيفته الخاصة به.
1 ـ وظائف الملكة:
 وضع البيض: تضع الملكة نوعين من البيض:
بيضاً مخصباً: تضعه في البيت الملكي ينتج عنه ملكات، أو تضعه في العيون السداسية الصغيرة الحجم (25 عين سداسية ـ بوصة مربعة) ينتج عنه الشغالات.
 بيضاً غير مخصب:تضعه في العيون السداسية الأكبر حجماً (16 خلية سداسية ـ بورصة مربعة) ينتج عنه ذكور، والملكة لا تخطئ مطلقاً في نوع البيضة التي تضعها في أي منهما.
والبيضة دقيقة بيضاء اللون، منجلية الشكل، طولها حوالي 1.5 مم، وعرضها 0.3 مم، ووزنها حوالي 0.132 ملليجرام، وعند محاولة الملكة وضع البيض فإنها تتحرك على القرص الشمعي وتفحص بعينيها في خلية سداسية للتأكد من خلوها، ثم تسحب رأسها وتدير بطنها وتدخلها في العين السداسية وفي ثوان تضع البيضة وتلصقها في قاع الخلية عمودياً وتضع الملكة خلال حياتها حوالي 2 مليون بيضة تضع معظمها خلال السنة الأولى والثانية من حياتها ولذلك ينصح بتغير الملكة بأخرى بعد السنة الثانية وفي فترات الفيض والنشاط يمكن للملكة أن تضع من 1500 ـ 2000 بيضة يومياً.
وهناك عوامل تؤثر في كمية البيض التي تضعها الملكة منها سلالة الملكة (تعد سلالة النحل الإيطالي والكرينولي والقوقازى من السلالات القياسية) وعمرها وقوة جسمها وأسلوب تربيتها وسلامة أعضاءها وإصابتها بالأمراض أو الطفيليات، أو حدوث التطريد الطبيعية، كما أن قوة الطائفة توفر مصادر الرحيق وحبوب اللقاح بالمنطقة المحيطة وكذلك توفر العيون السداسية الفارغة كل ذلك له دور في كمية البيض الذي تضعه الملكة.
ومن نتائج الأبحاث التي أجراها الكاتب على الملكات وجد أنه في فترات نشاط الملكة في وضع البيض ينمو المبيض ويزداد في الحجم حيث يشغل معظم حيز البطن ويزداد وزن الملكة، وقد وجد أن هنا ارتباطاً موجباً بين كمية الحضنة المرباة بالطائفة وكمية العسل المنتج منها.
وللملكة وظيفة أخرى في غاية الأهمية: حيث تعمل على ترابط الشغالات وتنظيم العمل داخل الطائفة وإصدارها للتعليمات والأوامر التي تنظم العمل داخل الطائفة عن طريق مجموعة من الرسائل التي تتولى إصدارها الغدد الفرمونية للملكة.
ومن أهم الغدد الفرمونية بالملكة الغدد الفكية، وغدد الترجات، وغدد الرسغ وغدة حجرة آلة اللسع أو غدة كوشيفينكوف Koschevinikov.
 فرمونات الغدد الفكية:
   الغدد الفكية في كل من الملكة أو الشغالة تكون نامية جيداً ولكنها تكون في الملكة أكبر في الحجم، إفرازات هذه الغدد تقوم بأكثر من وظيفة ومنها إفرازات خاصة بالسلوك الاجتماعي.
 المادة الملكية Queen substance:
   تقوم بتثبيط نمو مبايض الشغالات أو بناء بيوت الملكات وتعمل كمادة جاذبة للشغالات في الطوائف عديمة الملكات وتؤثر على السروح وتربية الحضنة، وهي أيضاً فرمون جنسي يجذب الذكور للتلقيح على ارتفاع عالي، ويعتمد هذا على قوة الطائفة وبعض العوامل الأخرى وقد أمكن تصنيعها للاستفادة منها في مجال تربية النحل.
  رائحة الملكة (Queen scent, -9-HAD):
    وهي تزيد من تأثير مادة الملكة وتأثيرها أقل بكثير من مادة الملكة وتؤثر في قابلية تجميع الطرود وتساعد الشغالات في العثور على الملكة أثناء التطريد.
توجد على الترجات البطنية 2ـ4 للملكة مجموعة الخلايا الغدية وهذه تفرز رائحة عطرية أثناء التطريد، كما توجد غدد على الناحية الظهرية لبطن الملكة وتنشط من استعداد الملكة للتلقيح وتتلقى الذكور المادة عند لمس الملكة بالأرجل الأمامية أو قرون الاستشعار.
الملكات العذارى تنتج أكبر كمية من المركب (9-ODA)في الربيع وقت الطيران للتلقيح والتطريد، وتخليق الجزء الأكبر منه يكون في أثناء الفترة التي يحدث فيها طيران الزفاف وعلى ذلك يكون أعلى إنتاج لهذا الفرمون خلال الفترة التي تستخدمه الملكة العذراء كجاذب جنسي عند طيران التلقيح.
فرمونات الغدة الترجية:
   تقع غدد الترجات على الترجات من 4 ـ 6 البطنية وتكون نامية جيداً في الملكات الصغيرة، ويظهر فعلها في تثبيط نمو مبايض الشغالات وتثبيط بناء بيوت الملكات، كما أن الشغالات الصغيرة (التوابع) تكون منجذبة بشدة إلى إفراز غدة الترجات للملكة التي تحصل عليه بالملامسة فقط. كذلك لها تأثير في جذب الذكور والتقدم للتزاوج.
 غدة كوشيفنكوف :Koschevniko
تتكون هذه الغدة من مجموعة صغيرة من الخلايا متجمعة في حجرة آلة اللسع وتم وصفها لأول مرة بواسطة عالم روسي وسميت باسمه، في الملكة الملقحة تفرز هذه الغدة فرمونات تجذب الشغالات بشدة ولا يعرف التركيب الكيماوي لهذه الغدة.
 غدة الرسغ (غدة Arnhart)
   تفرز غدة الرسغ بالملكة إفراز زيتي يوضع بواسطة الوسادة الموجودة بالرسغ على سطح القرص الشمعي ويكون ذلك مقترناً بإفراز الغدد الفكية ويعملان على تثبيط بناء بيوت الملكات في الطوائف المزدحمة بالنحل، ويحدث التطريد نتيجة ازدحام الطوائف بالنحل إلى الدرجة التي لا تمكن الملكة من الحركة بطول قواعد الأقراص ووضع إفراز الغدد الفكية، إفراز غدة الرسغ للملكات الصغيرة (6 شهور) تكون أكثر من إفراز الملكات المسنة (سنتين) ومعدل إفراز الشغالات من هذه الغدة يكون أقل من إفراز الملكات بحوالي (10 ـ 15 مرة) ولم يعرف تركيب هذا الفرمون بعد.
  الفرمون الطارد للشغالة:
    حديثاً اكتشف إفراز فرموني هام ينتج بواسطة الملكات في الجزء الخلفي من القناة الهضمية (المستقيم) ولا يوجد هذا الفرمون في الشغالات والمصدر الغدي لهذا الفرمون لم يحدد بعد.
عندما يبلغ عمر الملكات العذارى حوالي 24 ساعة فإنها تفرز هذا الفرمون كمادة إخراجية من المستقيم يستمر إنتاجه لمدة أسبوعين وعندما تتعرض الشغالة لهذه المادة البرازية تبتعد وتتراجع عن مصدرها وبعد فترة بسيطة ينتهي مظهرها العدائي تجاه الملكة العذراء.
المادة الفرمونية الطاردة لها رائحة تشبه رائحة العنب وتكون وظيفتها كمادة مهدئة للشغالة. هذا الفرمون لا وجود له في براز كل من الشغالات أو الذكور.
وعلى ذلك فإن فرمونات الملكة أو ما يطلق عليها بالمادة الملكية، تلعب دوراً هاماً في حياة طائفة نحل العسل، وغياب هذه الفرمونات أو انخفاض مستوى إنتاجها يؤدي إلى اختلال الوظائف الحيوية للطائفة كتربية وإنتاج ملكات جديدة، وظهور الشغالات الواضعة وارتباك في الوظائف المختلفة للشغالات بالطائفة.
وأورد الدميري تحت باب (اليعسوب) في كتابه (الحيوان) وهو ملك النحل وأميرها الذي لا يتم لها رواح ولا إياب ولا عمل ولا مرعى إلا به، فهي مؤتمرة بأمره متبعة برأيه يديرها كما يدير الملك أمر رعيته حتى إنها إذا أوت إلى بيوتها وقف على باب البيت فلا يدع واحدة تزاحم أخرى ولا تتقدم عليها في العبور كما يفعل الأمير إذا انتهى بعساكره إلى معبر ضيق، وأعجب من ذلك أن أميرين منهما لا يجتمعان في بيت ولا يتأمران ولا يأتمران على جمع واحد بل إذا اجتمع منها جنديان وأميران قتلوا أحد الأميرين وقطعوه واتفقوا على الأمير الواحد من غير معاداة منهم ولا أذى من بعضهم لبعض بل يصيرون يداً واحدة.
2 ـ وظائف الشغالات:
تقوم الشغالات بجميع الأعمال داخل الخلية وخارجها وذلك تبعاً لعمرها وحالتها الفسيولوجية.
أعمال داخل الخلية:
بعد خروج الحشرة الكاملة لا تستطيع تغذية نفسها وتطلب الغذاء من الشغالات الأكبر منها حيث تكون مبللة ومجعدة الأجنحة ولكنها سرعان ما تبدأ في العمل حيث تقوم بتنظيف وثقل العين السداسية التي خرجت منها ثم تستريح بالوقوف على الحضنة لتدفئتها.
الشغالة مربية مثالية: وبعد اليوم الثالث تأخذ الشغالة غذائها بنفسها وفي نفس الوقت تقوم بتغذية اليرقات الكبيرة بخبز النحل هذا، ونحل العسل يعتبر فريد بين النحل الاجتماعي في مقدار العناية التي توليها الشغالات الحاضنة لليرقات النامية. حيث أحصى Lindauerومساعدوه سنة 1952م عدد زيارات الشغالات الحاضنة ليرقة نموذجية بـ 2069 زيارة والتي استغرقت 181 دقيقة و 38 ثانية وأن اليرقة قد تمت تغذيتها خلال 143 زيارة خلال فترة مجموعها 109 دقيقة من الـ 181 دقيقة. لذلك فإنه توجد فرصة كافية للشغالات الحاضنة لتقييم حالة نمو اليرقات على فترات متكررة ولضبط معدل التغذية.
الشغالة مهندسة بارعة: تفرز الشغالات الشمع من غدد خاصة بالبطن وتقوم ببناء الخلايا السداسية وهي تختار الشكل السداسي من بين مختلف الأشكال حيث إنه لا يترك مسافات بين خلاياه والنحلة الشغالة قبل أن تبنى الخلية السداسية وهي تختار الشكل السداسي من بين مختلف الأشكال حيث إنه لا يترك مسافات بين خلاياه والنحلة الشغالة قبل أن تبنى الخلية السداسية فإنها تعلم الغرض منه حتى تصممه بما يتفق مع هذا العرض، فإذا كانت تبنى خلايا لتربية الشغالات جعلت قطره 5.3
 
 صورة النحل وهو يقوم ببناء الخلايا السداسية
7مم وإذا كانت تبنى خلايا لتربية الذكور جعلت قطره 6.91مم، معنى ذلك أن الديسمتر المربع يحوي من الجهة الواحدة حوالي 400 عين سداسية لإنتاج الشغالات أو 275 عين سداسية لإنتاج الذكور.
وللخلايا السداسية قدرة كبيرة في تخزين كمية كبيرة من العسل فمثلاً 20 جرام من الشمع على هيئة خلايا سداسية تستطيع حمل 1 كجم من العسل.
الشغالة عاملة نظافة: وبعد اليوم الثامن عشر تقوم الشغالة بآخر عمل لها داخل الخلية وهو تنظيفها وإلقاء النحل الميت خارجها.
الشغالة جندية شجاعة: حيث تتولى حراسة مدخل الخلية ضد النحل السارق والحشرات المفترسة خاصة الذنبور الأصفر، ومن الطريف أن النحل الحارس لا يتعرض للشغالات الغريبة المحملة بالغذاء مادامت تدخل بهدوء.
الشغالة تتفوق على أحدث أجهزة التكييف: وفي الطقس الدافئ يزاول النحل أسلوباً عجيباً من التهوية بأجنحته بواسطته يدفع الهواء إلى الداخل على أحد جانبي مدخل الخلية ويسحبه إلى الخارج عند الجانب الآخر بدون دوران الهواء خلال جميع الفجوات بين الأقراص.
هذا وقد تؤدي الشغالات ما يسمى برقصات التنظيف Cleaning dancesوذلك لإزالة الأتربة والمواد الغريبة العالقة بأجسامها. هذه الرقصات عبارة عن ضربات سريعة بالأرجل وتتمايل بجسمها على جوانبها بطريقة منتظمة. وفي نفس الوقت فإن النحلة ترفع وتخفض جسمها وتنظف حول قواعد الأجنحة باستخدام زوج الأرجل الوسطى. وتؤدي النحلة هذه الرقصات خلال أي وقت من أوقات السنة. وعادة فإن النحلة القريبة من النحلة الراقصة تقوم بلحس النحلة الراقصة بقرون استشعارها وتبدأ في تنظيف النحلة الراقصة، وتسمى بالنحلة المنظفة Cleanerوالتي تقوم بفرد فكوكها العليا وتلمس صدر النحلة الراقصة تحت قواعد الأجنحة التي لا تلبث أن تفرد أجنحتها ببطء في ناحية واحدة وتقوم بثنى بطنها وتنحي بجسدها على الجانب متجاوبة مع النحلة المنظفة، وعندئذ تقوم النحلة المنظفة في العمل بنشاط بفكوكها العليا حيث تقوم بالتنظيف حول قواعد الأجنحة.
وعادة يوجد على القرص الواحد حوالي 10 نحلات منظفة حيث تقوم بتنظيف النحل على التوالي حتى وإن تكن هناك رقصات تنظيفية، وقد وجد أن كل نحلة منظفة تقوم بتنظيف 26 نحلة في مدة 25 دقيقة، وهذا النحل يكون في الأسبوع الثالث من عمره.
 أعمال خارج الخلية:
1 ـ جمع الرحيق
متوسط ما تحمله الشغالة من رحيق هو 40 ملليجرام، وأقصى ما تستطيع الشغالة حمله هو 70 ملليجرام (85% من وزنها) ولكن الشغالة تقوم فقط بتخزين حوالي 30 ملليجرام في الخلية وتحتفظ بالباقي لتزويدها بالطاقة، ومن الملاحظ أن الشغالة وهي في رحلتها لجمع الرحيق تطير بسرعة (7 ـ 18 ميلاً / ساعة) ولا تطير في خط مستقيم بينما في رحلة العودة إلى الخلية تطير بسرعة 13 ـ 16 ميلاً / ساعة وتطير في خط مستقيم.
ولكن كيف يتحول الشراب الذي جمعته الشغالة وحملته في بطنها إلى عسل في الخلية؟
يتم تحويل الرحيق إلى عسل بواسطة عملتين:
 
 صورة لنحلة شغالة تقوم بجمع الرحيق
الأولى: طبيعية وذلك بخفض المحتويات المائية للرحيق حتى يصل إلى درجة النضج ونسبة الرطوبة فيه لا تزيد عن 14 ـ 18%.
الثانية: العملية الكيماوية حيث تتم بفعل إنزيم الانفرتيز وتفرزه الغدد اللعابية ويقوم بتحويل السكر الثنائي (سكروز) إلى سكر أحادي (جلكوز ـ فركتوز)، وبعد نضج العسل والذي يستغرق حوالي (2 ـ 5 يوم من جمعه) تقوم الشغالات بختمه بغطاء شمعي دقيق للحفاظ عليه.
وجمع العسل ليس بالأمر السهل أو الهين، بل قد يكون مستحيلاً في عالم البشر، ولكنه في عالم النحل شيء يسير، ذلك العالم الذي لا يعرف الخمول أو الكسل، فعلى سبيل المثال لكي نحصل على 1 جرام عسل فعلى الشغالة أن تجمع 3 جرام رحيق وتحصل على هذه الكمية من زيارة حوالي (500 ـ 1400) زهرة تفاح أو (3300 ـ 20000) زهرة كمثرى أو (1250 ـ 2000) زهرة رابس أو (500 ـ 1000) زهرة كاستانيا أو (500 ـ 30000) زهرة برسيم أحمر أو (7000 ـ 80000) زهرة برسيم أبيض وذلك للحصول على 100 حمولة وإذا كانت المسافة بين الخلية ومكان الزهور 1.5 كم، معنى ذلك أن النحلة تطير مسافة 300 كم للحصول على 1 جرام عسل.
ومن الإحصاءات التي أجريت وجد أن الرطل الواحد من العسل يحتاج إلى 37 ألف رحلة طيران تستغرق الرحلة ما بين 35 ـ 60 دقيقة تبعاً للمسافة وظروف الجو.
2 ـ جمع حبوب اللقاح:
وتختلف طريقة جمع حبوب اللقاح باختلاف نوع الزهرة مفتوحة (مثل أزهار الحلويات والموالح) أو مغلقة (مثل أزهار البرسيم أو الترمس) والشغالات صغيرة السن تجمع كمية كبيرة من حبوب اللقاح وذلك لكثرة عدد الشعيرات على جسمها، ويلتصق بشعيرات جسم النحلة عدد كبير جداً من حبوب اللقاح يتراوح من ( 250000 ـ 6000000) حبة لقاح.
3 ـ جمع مادة البروبوليس (العلك):
تحصل الشغالات على العلك إما من حبوب اللقاح وفي هذه الحالة تستخدمه في صقل العيون السداسية قبل وضع الملكة البيض فيها، أو تجمعه من براعم وقلف بعض الأشجار والنباتات، وأهم المصادر الشائعة للبروبوليس هي من أشجار (جار الماء alder) (وكستناء الحصان horse chestnet) (والحور poplar) ( والبتولا birch) (والدردرار elm) (والعليق blackberry) (والصنوبريات conifers).
 
 صورة لنحلة شغالة تقوم بجمع الرحيق
4 ـ جمع الماء:
الوظائف الأساسية للماء في حياة النحل: تخفيف العسل في الماء لكي يصبح صالحاً لتقديمه للحضنة، تعذر على النحل تغذية الحضنة من العسل حيث إن العسل المناسب لها يحتوي على 40% السكريات، ولابد من الماء لتخفيفه، وكذلك العسل الذي يتناوله النحل البالغ يخفف بالماء، كما أن النحل يعطش وخصوصاً في الصيف فيحتاج إلى الماء كذلك يستخدم النحل بالماء، كما أن النحل يعطش وخصوصاً في الصيف فيحتاج إلى الماء كذلك يستخدم النحل الماء لتخفيض درجة حرارة الطائفة فيقوم برش الماء وبعثرته في أرضية الخلية ثم يبخره بتسليط تيار من الهواء تولده بضع مئات من الشغالات بحركة سريعة من أجنحتها.
حيث إن تبخير الماء هو أفضل طريقة لترطيب حرارة الجو داخل الخلية.
التواصل داخل مملكة النحل:
يختلف أسلوب التفاهم في عالم النحل ذلك العالم الذي يعمل بالهام من المولى سبحانه وتعالى فالحياة داخل طائفة نحل العسل تعتمد على الإخلاص والولاء والعمل الجاد من أجل الطائفة جميعها حيث يختفي التفكير الفردي والجشع وحب الذات.
ولعل الكثير من النحالين يلاحظون عند فحصهم الأقراص الشمعية أن هناك نحلة أو أكثر تكون منهمكة في الرقص وهي تفيض بالانفعال فإن لديها رسالة تريد أن تنقلها إلى رفاقها والشغالات من حولها ترقبها باهتمام لتتلقى إشارتها والتي تعطي معلومات كافية عن اتجاه الغذاء وبعده عن الخلية.
وكارل فون فريش نمساوي الأصل من علماء علم الحيوان كان يعمل في جامعة ميونيخ، قضى أكثر من أربعين عاماً لفك رموز لغة النحل....... حينما أعلن أنه قد توصل إلى مدلول الرقص واستطرد في شرح معناه، لم يشأ أحد أن يصدقه وحتى الذين وهبوا وقتهم لدراسة النحل كانوا يعتقدون أن فون فريش قد تخطى الحدود المعقولة وحتى هو نفسه كان يقول إن ما أثبته وشاهدته أقرب ما يكون إلى القصص الخرافية منها إلى الحقائق العلمية.
الرقص في مملكة النحل يحدد ليس فقط الاتجاه والمسافة التي يبعدها مصدر الغذاء عن الخلية بل يحدد أيضاً مدى خصوبة وغزارة مصدر الرحيق وأيضاً يحدد المجهود المبذول والوقت اللازم للوصول إلى مكان الغذاء حيث إن اتجاه الرياح له تأثير قوي على هذا المجهود.
كذلك توجد عدة أشكال للرقص لها وظيفة في لغة الاتصال لم تتم دراستها جيداً.. ومنها:
الجري التصادمي Jostling run
ويقوم الجري التصادمي بإثارة الشغالات الأخرى ولفت انتباهها إلى السروح. وهو يحدث بعد الطيران الأول الناجح للشغالة للبحث عن مصدر للغذاء في حين أن الرقص الاهتزازي يحدث غالباً وفقط بعد عدة طيرانات. 
الرقص التشنجي Spasmodic dance
يقوم النحل العائد بالجريان الجزئي في خط مستقيم موجه بشكل سليم ويعتقد أنه يعمل كإشارات فعالة لإنجاز عمل ما بصورة أكثر من أداء الرقص الاهتزازي. 
الجري الطنان Buzzing run
يعطي النحل المعلومات لبدء التطريد Swarmingحيث إنه قبل أن يحدث التطريد يكون النحل داخل الخلية أو خارجها أمام المدخل في حالة من عدم النشاط. 
الرقص التنظيفي Grooming (cealning) dance
هذا السلوك يحث الشغالات المجاورة لها بالاقتراب منها والعمل بفكوكها لتنظيف خصرها وقواعد أجنحتها. وهذه الأجزاء هي التي لا تستطيع النحلة تنظيفها بنفسها. وله علاقة بمكافحة طفيل الفاروا.
الرقص الارتجاجي Jerking dance
أحياناً تقوم النحلة بلمس أحد رفقاء عشها بواسطة قرون الاستشعار أو أن تمسك بجسمها بواسطة أرجلها الأمامية أو أن تتسلق فوق جسمها. هذه الرقصة تحدث عندما تكون الطائفة في أفضل حالتها، هذا وما زالت هذه الرقصة غير معروفة. 
الرقص الارتجافي Trembling dance
بعض الدلائل تشير إلى أنه دليل مرضي تسببه السموم التي قد تلتقطها الشغالات خلال سروحها.
 الرقص التحذيري Alarm dance
ويكون ذلك نتيجة التسمم بالمبيدات حيث إن نسبة عالية من الموت تحدث بعد أداء هذه الرقصة بـ 1 ـ 2 ساعة وبعد 2 ـ 3 ساعات بعد ذلك تعود الطائفة إلى حالتها الطبيعية وتبدأ في نشاط الطيران مرة أخرى. 
رقص الدفع Pull dance
وقد تسمى برقصة الرسالة Massage dance، وتحدث عندما تبدأ نحلة في ثنى رأسها على القرص بطريقة خاصة فيتم إثارة بعض النحل المجاور لها حيث يقوم بفحصها مستخدماً قرون استشعاره وأرجله الأمامية ويتسلق فوقها وتحتها ويلمس جوانبها بقرون استشعاره وفكوكه وأرجله الأمامية وينظف قرون استشعاره بشكل دوري.
وبعد هذا العرض الموجز لجوانب من حياة أفراد نحل العسل وإلقاء فكرة مبسطة عن أهم الأعمال التي تقوم بها سواء في داخل الخلية أو خارجها، نجد أنها في سلسلة من العمل المتواصل لتؤدي وظيفتها في الحياة من أجل طائفة النحل، موقنين ومقرين بعظمة الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ أن سهل لها من كل السبل، ونحمده ـ جل في علاه ـ أن سخر لنا ما في السموات وما في الأرض ولله الحمد من قبل ومن بعد.....
المصادر:
ـ مصطفى أحمد شحاته: وسائل التفاهم في المملكة الحيوانية ـ مجلة العلم (29) 1978م.
ـ كيرشنر & تاونى: الأساس الحسي للغة الرقص عند نحل العسل ـ مجلة العلوم (مترجمة) المجلد 11، عدد 2 1995م الكويت.
ـ علي المصري: مملكة النحل ـ دار الكتاب العربي ـ دمشق.
ـ محمد علي البنبى: نحل العسل ومنتجاته 1969م.
ـ محمد بهجت شاور: مذكرات في نحل العسل 2000م.
ـ أسامة محمد الأنصاري: النحل في إنتاج العسل وتلقيح المحاصيل ـ مركز الدلتا للطباعة ـ الإسكندرية 1998م.
ـ رمضان مصري هلال: رسالة ماجستير (جامعة طنطا)، أبحاث علمية، مقالات منشورة في المجلة العربية والفيصل (السعودية)، بيت النحل (الكويت)، النحال العربي (لبنان).
ـ محمد عباس عبداللطيف وآخرون: عالم النحل ومنتجاته ـ 1984م.
ـ تامة نادية الدخاخنى: الحديث والمتقدم في فرمونات نحل العسل (مقالة مرجعية) ـ جامعة طنطا 1998م.
ـ نتائج أبحاث علمية منشورة.
- Karl Von Frisch: Tanzsprache und orientierung der Bienen. (Berlin Heideiberg. New York 1965)

مصدر الصور: موقع الموسوعة الحرة
مصدر المادة العلمية: منقولة من موقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة 

No comments:

Post a Comment