Pages

Saturday, July 30, 2011

(ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا) رؤية علمية

(ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا) رؤية علمية



قال الله تعالى:(انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{99}) (الأنعام/99).
إعداد الدكتور نظمي خليل أبو العطا موسى
أستاذ النبات في الجامعات المصرية والبحرين
        الألوان من الصفات المعجزة في الخلق، وهي أكثر وضوحا في أزهار وثمار النبات، وبجولة في أحد أسواق الخضار والثمار المركزية تجد العجب العجاب في الألوان وتدرجها وجاذبيتها وبهجتها، وقد نبهنا الله سبحانه وتعالى إلى أهمية دراسة اختلاف ألوان الثمار النباتية فقال سبحانه: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا) (فاطر/27).
   إنها الرؤية العلمية العقدية لتلك الثمار النباتية، فثمرة الطماطم تكون في البداية خضراء ثم تتحول إلى اللون الأحمر، ويرجع اللون الأخضر لثمار الطماطم إلى وجود صبغ الكلوروفيل الأخضر أما اللون الأحمر فيعود لاحتواء الثمار على صبغ الليكوبين الأحمر، كما تحتوي الثمار على صبغة البيتاكاروتين B-carotene الصفراء، ويتوقف لون ثمرة الطماطم على التركيز النسبي للصبغتين، ففي الطماطم الحمراء العادية لا يظهر أي تأثير لصبغة الكاروتين بالرغم من وجودها، وذلك لأن تركيزها لا يكون بالقدر المؤثر في صبغة الليكوبين ذات اللون الأحمر، ويقل تركيز الليكوبين نوعا ما في أصناف الطماطم الوردية اللون باحتوائها على نسبة أعلى من الليكوبين ونسبة أقل من صبغة الكاروتين عن الأصناف الحمراء العادية، وتختفي صبغة الليكوبين تماما في كل صنف من الأصناف ذات الثمار الصفراء والبرتقالية اللون بينما يزداد تركيز البيتاكاروتين إلى نحو عشرة أضعاف التركيز العادي في الأصناف البرتقالية عنه في الأصناف الصفراء.
   ويتأثر لون ثمار الطماطم بالعديد من العوامل أهمها:
   الصفات الوراثية المركوزة في جينات النبات، كما يتأثر تلون الثمار بدرجة الحرارة السائدة أثناء النضج سواء كان ذلك في الحقل أو المخزن، فلا تتلون الثمار جيدا إذا انخفضت درجة الحرارة عن (13) درجة سيليزية نظراً لأن تحلل الكلوروفيل (في الثمار) يتوقف في هذه الظروف وتبقى الثمار خضراء اللون، وأفضل درجة حرارة لتكوين الليكوبين هي (24) درجة سيليزية، كما تزداد كمية الكاروتين في الثمار المتعرضة للضوء أثناء نضجها عنها في الثمار التي تنضج في الظلام.
   وتمر ثمرات الطماطم حتى نضجها بالأطوار التالية:
   طور الثمار الخضراء غير الناضجة، وطور الثمار الخضراء الناضجة، وطور النضج الأخضر التام، وطور النضج الأخضر المتقدم، وطور بداية التلون حيث يتغير لون الطرف الزهري (للثمرة) من اللون الأخضر إلى اللون الأصفر المخضر أو الوردي أو الأحمر ولا تزيد مساحة الجزء المتلون (من الثمرة) على (10%) من مساحتها.
 ثم يأتي الطور الوردي، الذي يتحول فيه من (30%) إلى (60%) من سطح الثمرة إلى اللون الوردي الأحمر، ويأتي طور النضج الأحمر الفاتح، وتصل فيه المساحة الملونة باللون الأحمر الوردي أو الوردي من (60%) إلى (90%) من سطح الثمرة، وطور النضج الأحمر وتتراوح فيه المساحة الملونة باللون الأحمر من (90%)  إلى (100%) من سطح الثمرة، ثم ينتهي بطور النضج الزائد ومن أهم ما يميزه هو بداية فقد الثمار صلابتها.
 وتصل الثمار عادة إلى طور النضج الأخضر بعد نحو (35-45) يوما من تلقيح الأزهار، بينما يستغرق وصولها إلى طور النضج الأحمر من (45) إلى (60) يوما من التلقيح (انظر الطماطم، أحمد عبدالمنعم حسن، الدار العربية للنشر والتوزيع (ط 1) (ص 150-199) 1988م).

صورة لبعض ثمار الطماطم الحمراء
   وهكذا تشهد ثمرة الطماطم بألوانها المختلفة ودرجات لونها بتقدير بالغ في الخلق، وانه لا عشوائية في هذه العملية كما يدعي الدارونيون العشوائيون وصدق الله العظيم القائل: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا) (فاطر/27) وقوله تعالى (انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{99}) (الأنعام/99).
   كما تتجلى العظمة الإلهية في مراحل نمو ثمار نخيل البلح وقد وصف قيصر ملك الروم هذه الألوان وصفا بديعا في رسالته إلى الفاروق عمر رضي الله عنه التي قال فيها: (إن رسلي أخبرتني أن قبلكم (بكسر القاف وفتح الباء) شجرة تخرج مثل آذان الفيلة، ثم تنشق عن مثل الدر الأبيض، ثم تخضر كالزمرد الأخضر، ثم تحمر فتكون كالياقوت الأحمر ثم تنضج فتكون كأطيب فالوذج أكل).
   وفي بداية تكوين الأزهار للنخلة يكون لونها أبيض قشديا كالدر الأبيض فعلا، وبعد التلقيح والإخصاب تكون الثمرة خضراء اللون كروية الشكل ويستغرق هذا الطور المسمى بطور الحابوبك من (5) إلى (6) أسابيع، ويأتي طور الجمري وفيه يزداد اخضرار لون الثمرة، ثم يحمر لون الثمرة قليلا أو يصفر في طور البسر أو الخلال، ويستغرق هذا الطور من (3) إلى (5) أسابيع وهو طور البلح الأحمر أو الأصفر، ثم يرطب ذنب الثمرة أو احد شقيها ويسمى طور الأسداء، وبعد ذلك يعتم لون الثمرة في طور التمر (آيات معجزات من القرآن الكريم وعالم النبات، دار الجميل للنشر والتوزيع والإعلام، القاهرة: مصر (ط) (ص 165) 1996م).
صورة توضح ألوان البلح من أول تكونه إلى نضوجه
   فمن قدر هذا؟
   ومن فعل هذا؟
   ومن غير الألوان والمركبات بتقدير عجيب ؟!
  
   إنه الخالق سبحانه وتعالى، ومن العجيب أن لون ثمرات الزيتون يمر بمراحل اللون الأخضر ثم البنفسجي ثم الأسود، وتمر ثمار العنب بأطوار مشابهة في بعض الأصناف مما يدل أن خلف هذه الألوان إعجازا في الخلق.
   وفي ثمار نبات البطيخ نجد القشرة الخارجية تختلف في لونها بحسب الصنف وحسب العمر ومرحلة النضج، فلون الثمار أخضر فاتح به عروق خضراء قاتمة في صنف شارلستون، وأخضر مصفر به خطوط طولية خضراء قاتمة كما في الصنف كرمسون، وأخضر فاتح به خطوط طولية خضراء قاتمة كما في الصنف جويلي، أو اخضر قاتم به عروق لونها أفتح كما في الصنف توم واطسون.
صورة لثمار نبات البطيخ

   ومن الداخل تقسم ثمرات البطيخ إلى مجموعات بحسب لونها منها: اللون الداخلي أحمر زاهـٍ كما في صنف جيزه (1)، وفي الصنف ستون ماونتن اللون الداخلي قرمزي، واللون الداخلي أصفر كما في الصنف جولدن هني.
   ويرجع اللون الداخلي لثمار البطيخ إلى وجود صبغي الليكوبين والكاروتين، وتتوقف دكنة اللون الأحمر على تركيز صبغة الليكوبين بينما لا تحتوي الأصناف الصفراء إلا على صبغة الكاروتين فقط، ويستمر تكوين صبغة الليكوبين في ثمار البطيخ مع ارتفاع درجة الحرارة من (20) إلى (37) درجة سيليزية بعكس الحال في ثمار الطماطم التي يقل تكوين الصبغة الحمراء فيها في درجات الحرارة المرتفعة (القرعيات، أحمد عبدالمنعم حسن، الدار العربية للنشر والتوزيع (ط) (ص 35)، (ص 51) 1977م).
   وتختلف ثمرات نبات الفلفل في لونها من الأخضر إلى الأحمر والأصفر، ويرجع لون ثمار الفلفل إلى خليط من صبغات الليكوبين والزنثوفيل والكاروتين، وتوجد صبغة الكاروتين منفردة في الأصناف الصفراء، ولا تبدأ الصبغات الحمراء الظهور إلا بعد وصول الثمار إلى طور النضج الأخضر ويتأثر ظهورها بدرجة الحرارة السائدة فتكون بصورة جيدة في مدى حراري من (18) إلى (24) درجة سيليزية سواء كانت الثمرات على النبات أو في المخزن، ويكون اللون الأحمر مشوبا بالاصفرار إذا ارتفعت درجة حرارة الثمرة إلى أكثر من (27) درجة سيليزية خلال معظم فترة التلون، كما تقل سرعة ظهور اللون الأحمر مع انخفاض درجة الحرارة عن (18) درجة سيليزية إلى أن يتوقف تماما في درجة (13) سيليزية، لذا نجد أن الأصناف التي تستهلك حمراء يكون تلوينها رديئا إذا كان نضجها متأخرا في الخريف، وليس لضوء الشمس أو الظلام أي تأثير في ظهور اللون الأحمر إلا من خلال تأثيرها المباشر في درجة الحرارة (الخضر الثمرية، أحمد عبدالمنعم حسن، الدار العربية للنشر والتوزيع (ط 1) (ص 51) 1989م).
صورة لبعض ثمار نبات الفلفل

   في ثمرات نبات البسلة يختلف لون القرن قبل النضج من الأخضر إلى الأخضر المصفر كما تقسم أصناف البسلة بحسب لون بذرة الثمرة غير الناضجة إلى مجموعتين: أصناف لون بذورها أخضر فاتح وأصناف لون بذورها أخضر قاتم (المرجع السابق، (ص 51، ص 106).
   وهكذا تتجلى عظمة الألوان في الثمار السابقة كما تتجلى في ثمار نباتات: البرتقال، والجريب فروت، والأنبج "المانجو"، والشيكو، والتين، والكرز، والسدر، والرمان، وكل الثمار كما تختلف ألوان جذور نبات الجزر من الأحمر إلى القرمزي والأصفر والأبيض وكذلك تختلف ألوان جذور نبات الفجل من الأبيض إلى الأحمر وجذور نبات البنجر تعطي صبغة حمراء جميلة فسبحان الخالق سبحانه وتعالى القائل (انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{99}) (الأنعام/99) نظرة علمية إيمانية .
 
أ.د. نظمي خليل أبوالعطا موسى
www.nazme.net

No comments:

Post a Comment